يظن مسؤولون كبار في الإدارة الأميركية أن كيان الاحتلال الإسرائيلي قد يواجه خطر اندلاع جبهة ثانية، غير غزة، محذّرين قادته من خروج الوضع عن السيطرة في الضفة الغربية المحتلة.
وأفادت صحيفة "هآرتس" اليوم الخميس 16 تشرين الثاني/نوفمبر، بأن المسؤولين الأميركيين حذّروا عدداً من كبار المسؤولين الإسرائيليين خلال محادثات بين الطرفين في الأيام الأخيرة، من أن السلطة الفلسطينية قد تفقد سيطرتها في المدن المركزية.
وتعتقد الإدارة الأميركية أن اندلاع أعمال عنف واسعة في الضفة الغربية سيضرّ أيضاً بالدعم الدولي الذي حصلت عليه "إسرائيل" لمواصلة حرب الإبادة التي تشنّها على قطاع غزة.
وتطرق ممثلو الإدارة الأميركية في محادثاتهم مع المسؤولين الإسرائيليين، إلى العديد من القضايا التي تقلقهم، وتلفت إلى العوامل التي تزيد احتمالات التصعيد في الضفة، من بينها ضعف السلطة الفلسطينية، مع التنبيه إلى خطورة الأزمة المالية التي تعصف بها.
ووفق تقديرات الإدارة الأميركية، فإن "السلطة الفلسطينية قد تصل إلى حالة انهيار اقتصادي وتصبح غير قادرة على دفع الرواتب لأجهزتها الأمنية التي تعمل اليوم ضد حماس ومنظمات (..) أخرى"، حسب ما أوردت "هآرتس".
ويقلق هذا الأمر أيضاً قادة المستوى الأمني في "إسرائيل"، الذين خاضوا معركة ضد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، لإقناعه بتحويل أموال الضرائب إلى السلطة الفلسطينية.
وذكرت "هآرتس" أن الإدارة الأميركية حذّرت "إسرائيل" من استمرار اعتداءات مجموعات اليمين الإسرائيلي المتطرف، خصوصاً من البؤر الاستيطانية غير القانونية (فعلياً كل الاستيطان غير شرعي)، على الفلسطينيين، موضحة أن هذه الاعتداءات تحظى بتغطية إعلامية واسعة في وسائل الإعلام الفلسطينية، وبحسب تقديرات الإدارة الأميركية فإن هذا يعزز دعم المجتمع الفلسطيني لحركة حماس ومنظمات أخرى في الضفة الغربية، تصفها أميركا بأنها "إرهابية".
وتخشى الإدارة الأميركية بالأساس من احتمال مشاركة عناصر في شرطة السلطة الفلسطينية، في عمليات ضد "إسرائيل".
وطلبت الإدارة الأميركية من "إسرائيل" فحص عدد من الحالات التي نشب فيها تلاسن كلامي حاد، في الأسابيع الأخيرة، بين جنود في جيش الاحتلال الإسرائيلي وعناصر في الشرطة الفلسطينية.
وبحسب الصحيفة، يدرك المستوى السياسي الإسرائيلي جيدا أن الأزمة الاقتصادية في الضفة الغربية قد تؤدي إلى "أعمال عنف".
وفي محاولة لتفادي ذلك، فحصت "إسرائيل" في الأسابيع الأخيرة، بعض الخطط، من أجل تحويل الأموال إلى فلسطينيين في الضفة الغربية، خصوصاً أولئك الذين يعملون بشكل دائم في إسرائيل، إلى جانب تحويل جزء من أموال الضرائب للسلطة الفلسطينية.
وكشفت "هآرتس" أن رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، حاول العثور على دولة ثالثة، توافق على تحويل منحة تضمن احتياجات المعيشة الأساسية، لعمال فلسطينيين لا يسمح لهم الآن بالعمل في "إسرائيل".
كذلك يفحص نتنياهو أيضاً مبادرة أخرى، تتيح لهؤلاء العمال إمكانية الوصول الفوري إلى الصناديق التي حوّلت إليها الأموال المقتطعة من رواتبهم شهرياً (مستحقات أتعاب وتقاعد وغيرها).
وتقدّر "إسرائيل" أن هذه الصناديق فيها نحو 3.5 مليارات شيكل (أقل من مليار دولار) لعمال فلسطينيين، وأن نحو 65% من الفلسطينيين الذين عملوا في إسرائيل بشكل دائم، حوّلوا الأجزاء المقتطعة من رواتبهم إلى مثل هذه الصناديق.
ويخشى المستوى السياسي الإسرائيلي من أعمال تحاكي عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها حركة حماس في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وأيضاً من إمكانية مشاركة قوات الأمن الفلسطينية في الضفة في عمليات ضد أهداف إسرائيلية.
وكان نتنياهو قد أصدر تعليماته في الآونة الأخيرة إلى الجيش الإسرائيلي لوضع خطة عمل لإحباط أي هجوم محتمل من جهة الضفة الغربية على المستوطنات أو البلدات القريبة من خط التماس.
ولفتت "هآرتس" إلى أن التحذير الأميركي من اشتعال الضفة الغربية لم يفاجئ كبار المسؤولين الأمنيين في "إسرائيل"، لكنه قد يُفاجئ شرائح واسعة في المجتمع الإسرائيلي، الذي يرى في هذه الأيام أن الحدود مع لبنان مرجّحة أكثر لاندلاع جبهة قتال ثانية.
وتراقب الإدارة الأميركية من كثب الأحداث في لبنان والقتال شبه اليومي بين "حزب الله" و"إسرائيل"، لكنها ترى أن "خطر حدوث تصعيد كبير في الضفة الغربية لا يقلّ خطورة".
واختتمت "هآرتس" تقريرها بأن "أحد المخاوف الرئيسية للإدارة الأميركية، هو أن يؤدي اشتعال الأوضاع في الضفة الغربية إلى زيادة احتمال تحرك حزب الله ضد إسرائيل، تحت غطاء الأحداث في الضفة".
تعليقات